فتح البصيرة ورؤيا الجان والروحانيين هو الهاجس الذى يسيطر على عقول وحواس
كل العاملين والمهتمين بالمجال والعلم الروحاني. فالكثير من الناس أول ما
يبحث فى هذا العلم، يبحث فى الكشف، وفى كيفية رفع الحجاب بينه وبين العوالم
الاخرى. وربما يبحث الناس عن هذا الموضوع فى شتى أصقاع المنتديات، وفى
دروبها، وعند كل واحدٍ من الشيوخ. وقد رأيت الكثير من الأخوة يبحثون عن
الكشف أو فتح البصيرة، وهم لايعرفون ما يجري فى هذا الأمر، أو كيف تتم
عملية فتح البصيرة؟
ومن أجل ذلك أردت أن أكتب هذا الموضوع حتى يعلم
الجميع كيف تتم عملية فتح البصيرة، وما الأنواع المتبعة فى هذة العملية؟
وما النتائج التى تنعكس على الشخص ذاته حتى يكون الأمر واضح. وبناءً عليه
يدخل إلى هذا المحراب كل فرد وهو على بينة من الأمر.
أولاً: فتح البصيرة عن طريق الجان
فى هذه الطريقة يتم فتح البصيرة باستخدام نوع محدد من الجان، وهم أربعة أنواع: منهم:
النوع
الأول: وهو السفلي ويكون باستخدام جان من الجان السفلي فى ذلك. وما يتم هو
عمل جلسة لمن يريد أن تفتح له البصيرة. ويتم فيها تلبيس للشخص بنفر من
الجان، ويقوم الجان باللبس الكامل للجثة، ويسيطر عليها. عند الكشف يقوم
الشيخ أو الكشاف بعمل تلبيس لنفسه بالجان الذى هو فى الأصل متلبس به، ويقوم
الجان بالحضور على جثة الكشاف ويكلم الناس، ويكشف لهم ويقول لهم كل ما
يريدون. وبعد أن ينتهي من الكلام ينصرف، ويفيق الكشاف بعد ذلك. ويسأل الناس
ما الذى حدث؟ هل أخبركم الشيخ فلان بما تريدون؟ فهم فى جميع الأحوال
يطلقون على الجني المتلبس بالشيخ أو بسيدي فلان. وكذلك الجان عندما يتحدث
مع الموجودين يقول لك: اعطِ سيدنا مبلغ، وقدره كذا، أو كذا. ويظل بهذه
الطريقة الشخص عبارة عن محطة ينزل إليها الجان ويقضي حاجته ويرحل. وهناك فى
الخفاء بعيدًا عن أعين الناس ترى العلاقة الأخرى التي تكون بينهم وهي
الآتى: لايمكن أن تجد رجل يلتبس برجل من الجان أو امرأة تلتبس بامرأة من
الجان؛ ولكن يكون العكس فى غالب الأمر، وذلك ما يسمى بالزواج من الجان من
أجل المصلحة. فالجان يقضى مصلحته من بنى آدم، وبنى آدم يقضي مصلحته من
الشخص.
أما الطريقة الثانية
فهي: يتلبس
الجان باللسان والحنجرة فقط، وعند الكلام تجد الجان يتكلم مع الناس بصوت
غير الصوت البشري، أو الصوت المعروف للشخص، وتختلف هنا اللهجة وطريقة
الكلام؛ ولكن هذة الطريقة يكون الإنسان فيها على وعي تام بكل ما يجري ويعرف
الأحداث أولاً بأول. ومن الممكن أن يسيطر على الأمر ويخرج من هذه الحالة.
وقالت ما يريد ويعود إليها -أيضًا- وقت ما يريد. وهذه الطريقة فى الغالب
يكون اللبس فيها من نفس نوعية الإنسان، أي أن الرجل يكون معه رجل، والمرأة
تكون معها امرأة. وهى الطريقة التى يستخدمها فى الغالب الجان المسلم مع
المسلمين. ونادرًا ما نرى غير المسلم يستخدم هذه الطريقة.
النوع الثالث
وهو التعامل مع الجان عن طريق الرؤيا فى الانتقال
وهنا نشرح هذه الطريقة
المحتوى الان غير مخفي
هذه
الطريقة يستخدمها الكثير من أصحاب التصاريف وهي أن يتم فيها عمل بعض
الأوراد الخاصة بالاستحضار. وتكون عارفا بمن تستحضره، وتقوم بقراءة الأوراد
لمدة طويلة تتراوح مابين أربعين يومًا إلى سبعين يومًا. فى خلال هذة
الفترة يترآى فيها أنك لا تصل إلى شيء، ما هي إلا مجرد لمحات لبعض
الفلاشات، أو الأنوار التى تظهر فجأة وتختفي، أو خيط من النور يمرق من
أمامك كالبرق. وفى هذه المدة تشعر أن رأسك من الداخل كأن جزء من الفراغ بدأ
فيه، او تشعر أحيانا أنك تسرح إلى عالم مجهول لا تعرف أين هو هذا العالم.
وعند ظهور هذه العلامات ما عليك إلا أن تذهب إلى شيخك. وهنا يقوم بعقد جلسة
ويتم فيها أخذ العهد على أحد الكشافين، والذى تتم فيه معرفة قدرة الكشاف
الذى سيعطي لك. وكلما كان الشيخ قوي كلما توصلت إلى كشاف محترف. وهنا عند
التعامل مع هذا الكشاف لايمكن أن ترى أي نوع من أنواع الجان إلا هذا الكشاف
فقط فكلما أحببت أن تكشف على أحد تستدعيه ويقف أمامك وتطلب منه الكشف عن
الشيء المراد. ويذهب هو إلى المكان الذى ترسله إليه ويأتيك بالخبر اليقين.
وهنا تكون درجة المصداقية، والكذب متفاوتة من شخص إلى آخر. ومن كشاف إلى
آخر؛ ولكن عندما تريد أن تكشف أنت بنفسك فإن هذا الكشاف يجلس مابين عينيك
ويستجمع خيوط البصيرة بيده ويبدأ فى تحريكها حتى تصل إلى ما تريد، وتراه
بنفسك، أو إن كنت تريد التحدث إلى أحد الملوك أو الأعوان فإنه يفعل ذلك.
وهنا من الممكن أن تقلب الصورة الحقيقية للأمر فالكشاف فى هذه الحالة هو
المسيطر على بصر الإنسان، ومن الممكن أن يوهم له بعض الأشياء، ويخيل له
أشياء أخرى لم تكن واقعية. وهنا تكون المشكلة، وهى من أكبر عيوب هذه
الطريقة.
الطريقة الرابعة
و تكون عن طريق تلبيس الكف
هنا
يقوم أحد الشيوخ بعمل تلبيس لكف الشخص المراد أن يكون كشاف. ويقوم الشيخ
بأمر الموكل بلبس الكف ورفعه إلى أعلى الرأس ولبس الجثة لبس كامل. و يبدأ
الشيخ بالتعامل مع الموكل بالكشف عن البصيرة بكشف البصيرة للشخص المراد.
فيقوم الملك الموكل بعمل مقعد ما بين العينين للشخص، و يستجمع خيوط البصيرة
من العينين ويوصلها إلى مابين العينين ويقوم بعمل ما يسمى بالعين الثالثة.
ويقوم بتوكيل أحد الجان بالجلوس فى هذه المنطقة، والتعامل مع الشخص بأن
يجعله يرى ما يريد من الأشياء. ومن بعد هذه الجلسة أو الجلسات المقررة يكون
الشخص جاهز للكشف. فعندما يريد ذلك ما عليه إلا أن يجلس ويقرأ ورده، ويأتى
الجني ويجلس ما بين العينين ويقوم بالتعامل فى فتح هذه العين الثالثة.
وهنا يحس الشخص أن هذة المنطقة التي بين العينين تبدء في السخونة تدريجيا
حتى يصل إلى مرحلة الهرش فيها. وبعد أن يتم الهرش فيها، وتبرد تبدء العين
الثالثة فى الكشف. وهى تأتي بنتائج مبهرة. وبها يستطيع الإنسان أن يرى أكبر
وأبعد من أي شخص آخر؛ ولكن بعد الانتهاء والصرف ترى هذة المنطقة متوهجة من
شدة الحرارة، والاحمرار بها وتظل تؤلم الشخص إلى حوالي ربع ساعة بعد كل
عملية كشف. وتظل فى كل مرة على هذا الحال إلى أن يتعود الشخص على ذلك ويصبح
الأمر عاديا. وإن نظر إليه أحد أصحاب الخبرة وأهل العلم ترى أن العين
الثالثة بدأت يكون لها مكان ظاهر خفيفا على الشخص فيعرف من هنا أنه كشاف
بالتعامل بالعين الثالثة.
وكل هذة الأنواع من الكشف يستخدم فيها الجان،
ولا يرى فيها الكشاف إلا أصناف الجان فقط، أو الخدام الروحانيين من الطبقات
المتوسطة، ولايمكن أن يرى فيها الروحانيين من الطبقات العليا أو الملائكة.
أما الطريقة الأخرى
والاكثر أمانا وجدية، وهى الكشف بالذات وهى: ما يتم فيه استخدام ذاتك فى
الكشف، أي: أنك تكشف بدون استخدام للجان أو أن يكون الجان هو المسيطر عليك،
وهو الذى يملي لك ما يريد أن يُريك إياه
هذة الطريقة يستخدم فيها عدة طرق
وهنا
بعد أن تتنم العملية بتمام وفضل الله، يستطيع الشخص أن يكشف كشف ذاتى ودون
أن يستخدم فيها أي نوع من أنواع الجان؛ ولكن يستخدم روحانيته الشخصية. وفى
حالة النجاح التام لفتح البصيرة. فان الشخص يستطيع أن ينتقل إلى داخل قصور
الملوك ويراهم بعين رأسه، وأن يرى الروحانيين من جميع الطبقات دون
استثناء، وإن نظر إلى شيء فى باطن الأرض يراه كأنه يرى مرآة. وإن نظر إلى
شيء في الأعلى فإنه يراه بوضوح تام، ودون تدخل من أحد فى توجيهه؛ ولكن هنا
لابد من التنبية المهم والهام جدا، وهو أن: كلنا يعرف أنه إذا كانت لديك
مرآة وتركتها بدون تنظيف فما يكون حالها؟ بالطبع تأتي القذارة فوق الأخرى
والتراب فوق الآخر والعوامل الجوية، وما صاحبها وتكون طبقة سميكة على
المرآة، ومع مرور الوقت لاتستطيع أن ترى منها شيئا من كثرة ما جاء عليها.
كذلك الكشف بالبصيرة، إن تركت وردك فكأنك بمثابة المرآة التي تركتها دون
تنظيف فإن التراب والمعاصى والذنوب والآثام تتراكم بعضها فوق بعض حتى يحجب
عنك البصيرة وتعود إلى نقطة الصفر إن لم تكن تحت الصفر.
والمرحلة الأقوى وهي الكشف بالقلب
وهي
من أسرار العلماء والنقباء، ولا يكون إلا لمن منَّ الله عليهم بكرمه ووفقه
في الدين وفتح عليه أبواب الأسرار وكشف عنه عوالم الغيبيات، وبها يرى
الإنسان ما يرى. وكلنا نعرف قصة سيدنا عمر عندما كان يخطب من فوق المنبر
وفي أثناء الخطبة فوجئ به الناس يقول: الجبل يا سارية الجبل وكررها عمر عدة
مرات ثم سكت وعاد إلى الخطبة فاستغرب الناس. وبعد أن فرغ من الخطبة سأله
الناس ما بالك يا عمر قلت: الجبل ياسارية الجبل. قال رأيت جيش الأعداء يحيط
بجيش المسلمين الذي كان بقيادة سارية فنبهتهم حتى سمعني وتنبة للأمر والتف
هو على الأعداء فما رأى سيدنا عمر ما رأى إلا بقلبه وقوة إيمانه وشدة
تعلقه بالله وحبه في الدين وفي رسول الله. وهى أعلى مراتب البصيرة التى
لايضاهيها أي شيء.
وفي الأخير أرجو أني قدمت لكم مايعود علينا جميعا بالفائدة وأسأل الله أن ينفعني وأياكم به فيما يحبه ويرضاه.